المرقد الحسيني عبر القرون
المرقد الحسيني عبر القرون
يشار الى أنَّ أول من أقام رسماً لقبر أبي عبد الله الحسين (ع) هم بنو أسد في الثالث عشر من شهر محرم الحرام عام 61 هـ، بإرشاد الإمام علي بن الحسين السجاد (ت 93 هـ)، ويستظهر الكرباسي من حديث الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري الخزرجي (ت 78 هـ) الذي زار قبر الإمام الحسين (ع) في يوم الأربعين من استشهاده، أنَّ: "القبر الشريف كان في بداية الأمر مرتفعا وبارزاً قليلا عن الأرض". وتوالى في القرن الأول تطوير القبر الشريف من وضع سقيفة وبناء مسجد ووضع صندوق ومن ثم بناء قبة وإقامة قرية سكنية.
وفي القرن الثاني الهجري كانت القبة قائمة، ويستظهر الكرباسي من مجمل أحاديث وروايات: "أنَّ في عصر الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) (ت 148 هـ) كان لمرقد الإمام الحسين (ع) قبة وسقيفة وباب بل وأكثر من باب، باب من جهة الشرق وباب من ناحية ثانية، ولعلها كانت من جهة الغرب". كما أقيم في هذا القرن حول المرقد الشريف سور، كما أنشئ على مرقده مسجد، أي: "أنه أصبح كمسجد يقصده الناس للزيارة والصلاة فيه". لكن المرقد الشريف تعرض في العهد العباسي الى التخريب مرة والى البناء مرة أخرى حسب مزاج الحاكم ومدى قوته وضعفه.
وفي القرن الثالث الهجري وفي عهد المتوكل العباسي جعفر بن محمد المعتصم (ت 247 هـ) تعرض القبر الحسيني الى الهدم والتخريب أربع مرات، وفي المرة الرابعة صادف زيارة النصف من شعبان من عام 247 هـ حيث يفد الناس على زيارة كربلاء من كل حدب وصوب. ومن مفارقات الدهر أنَّ مدينة كربلاء بما فيها القبر الحسيني والعباسي الشريفين تعرضت للتخريب في العصر الحديث عام 1991م خلال زيارة النصف من شعبان، وكادت ان تحترق من جديد في النصف من شعبان العام 2007 بفعل مجموعات متنوعة المشارب اختلت عند بعضها بوصلة الرشاد!.
وما يلاحظ في هذا القرن، أنَّ العدوان المتكرر للمتوكل على القبر الشريف وأتباع أهل البيت (ع) أولد معارضة شديدة، ويستظهر المحقق الكرباسي أن بغداد ولأول مرة منذ إنشائها عام 145 هـ شهدت في النصف الأول من القرن الثالث ظهور شعارات سياسية حائطية معادية للنظام العباسي كانت تكتب على جدران المنازل البغدادية.
وشهد القبر الحسيني بعد مقتل المتوكل على يد ابنه المنتصر بالله محمد بن جعفر (ت 248 هـ) عهدا جديدا من البناء والعمران، واستمر الحال في القرن الرابع الهجري أيضا، فقد نصب معز الدولة احمد بن أبي شجاع البويهي (ت 367 هـ) في العام 352 هـ سرادق العزاء على الإمام الحسين (ع) في بغداد، ومع هذا فان كربلاء المقدسة لم تزل بين الفينة والأخرى تتعرض للعدوان، كما حصل في العام 369 هـ عندما: "أغار ضبة - بن محمد - الأسدي على المدينة وقتل أهلها ونهب أموالهم وسرق ما في خزانة الحرم المطهر من نفائس وذخائر وتحف وهدايا، وهدم ما أمكنه هدمه وذلك بمؤازرة بعض العشائر" ثم قفل هاربا الى البادية باتجاه مدينة عين التمر. ومن المفارقات أنه وبعد أكثر من ألف عام، لازالت المدينة تخشى العدوان القادم من البادية، ولذلك فان من الحلول المفيدة لتحصين المدينة هو توزيع الأراضي على سكان كربلاء من طرف بحيرة الرزازة وباتجاه البادية والامتداد بكربلاء نحو مدينة عين التمر، وإحياء منطقة قصر الأخيضر، بدلا من الامتداد السلبي الحاصل اليوم على حساب المزارع والبساتين في أطراف باب بغداد وباب النجف وباب طويريج.
دائرة المعارف الحسينية
اباذر- Admin
- الجنس : عدد الرسائل : 66
تاريخ التسجيل : 16/02/2009