العبادة في الشنتوية
العبادة في الشنتوية
الشنتو لا يؤمنون بحياة أخرى غير الحياة الدنيا، والموت عندهم ينتهي بجسم المتوفى إلى منطقة ملوّثة، أمّا روح الميّت، فقد أطلق سراحها من قيودها المادية لتصبح مرة أخرى جزءاً من قوى تكوين الطبيعة.
والعبادة عندهم تتضمَّن أربعة عناصر، هي:
1 ـ فعل التطهّر هاراي (Harai) بالإضافة إلى الاغتسال، عندما يلوح الكاهن بفرع من شجرة السكاكي أو ورقة منها إلى رأس المتطهر.
2 ـ القربان «شينس Shinse» الذي يكون من الحبوب أو الشراب، وهذه الأيام جرت العادة أن يكون من المال، أو قد يكون رمزياً في صورة غصن من شجرة السكاكي.
3 ـ طقوس الصلاة Norito.
4 ـ الوليمة الرمزية «Neori»، وهي إشارة إلى تناول الطعام مع كامي، وتتبع هذه الطقوس عملية تناول شراب «ميكي» المقدس، وهو مصنوع من شراب الأرزّ المخمر، ومن المتعبدين من يطلب أداء الرقصة المقدسة للمعبد «كايورا»، وهي على خمس وثلاثين طريقة مستمدة من أساطيرهم القديمة.
والصلاة عندهم تنحصر نصوصها غالباً بالمطالب البشرية، ومن هذه النصوص النص التالي
«أولاً وقبل كلّ شيء، هناك في حقلك المقدَّس أيُّها الاله المهيمن
ليت حبة الأرزّ الأخيرة التي سيحصدونها،
ليت الحبة الأخيرة من الأرزّ التي ستحصد،
بحبات العرق المتساقط من سواعدهم،
وتشدّ مع الوحل العالقين بالفخذين،
ليت هذه الحبة تزدهر بفضلك،
وتنفتح سنابل الأرزّ التي تتوق إليها الأيدي الكثيرة،
فتكون أولى الثمرات في الشراب وأعواد النبات».
ديانة الشنتو مبسَّطة ولا تطالب أتباعها بطقوس خاصة ومعقَّدة، كما أنَّها على استعدادٍ للتعايش مع أيِّ مذهب، لذلك باتت الشنتو بالنسبة لليابانيين في موقع التاريخ والتراث والعادات، وطقوسها متوارثة يُمارسها معظمهم على أنَّها حالة من التعبير عن الانتماء للوطن والحضارة.
عند هذا يصحُّ القول: «إنَّ مذهب الشنتو ما هو إلاَّ عاداتٍ اجتماعية يابانية تقليدية ومتوارثة عبر الأجيال... إنَّ الشنتو هي أسلوب حياة يعيشها اليابانيون».
تركز ديانة الشنتو على ثلاثة أمور هي: الشمس ولها صنم اما يتراس، والأسلاف، والعائلة الإمبراطورية، وتقتصر أغلب طقوسهم على زيارات موسمية، وفي ذلك قال ول ديورانت: «لـم تكن ديانة شنتو بحاجة إلى تفصيل مذهبي أو طقوس معقَّدة أو تشريع خلقي، ولـم تكن لها طبقة من الكهنة خاصة بها، كلا، ولا تذهب إلى ما يبعث العزاء في نفوس النّاس من خلود الروح ونعيم الفردوس، فكان كلّ ما تُطالب به معتنقيها أن يحجوا آناً بعد آنٍ لأسلافهم، وأن يقدّموا لهم ضراعة الخاشعين، ويفعلوا كذلك لإمبراطورهم ولماضي أمتهم».
وديانة الشنتو لا تستخدم الصور والرسوم في معابدها، لكنَّها تعتمد الرموز، وهي كثيرة وأبرزها المرآة، وهي عندهم تشير إلى الارتباط مع إله الشمس «أما يتراس»، حيثُ المرآة هي الجسم العاكس لنور الشمس، وكذلك يستخدمون السيف والسجّة أو العقد المكون من مجموعة من الحبّات أصلها من الجوهر.
تختص كلّ عشيرة بهيكل معيّن كان سببه ـ كما يبدو ـ ذلك التقديس للأسلاف الموجود في ديانة الشنتو، ويشترك الكونفوشيون الصينيون مع الشنتو في هذا الاعتقاد. لهذا كان من الطبيعي أن تلعب عبادة الأسلاف العائلية ـ العشائرية دوراً فائق الأهمية في الشنتوية، وهناك اعتقاد بأنَّ كلّ ميّت يتحوّل إلى «كامي» (وهي التسمية العامة التي تشمل كافة الأرواح والآلهة)، ويؤدي ربّ العائلة أو رئيس السلالة الصلوات اليومية كما يقدّم لها القرابين.
أهم الهياكل اليابانية التي يحج إليها الشنتويون هو هيكل مدينة آيس على المحيط الهادي، ويُعدُّ أهم هياكل الشنتو، وقد شيّد في القرن الثالث الميلادي، ويتألف من هيكل داخلي مخصص لعبادة آلهة الشمس «أما يتراس» وللجد الأول للأسرة الإمبراطورية، ومن هيكل خارجي تـمّ بناؤه في القرن الخامس الميلادي، وهذا أدنى مكانة من الأول، ويخصصونه لعبادة الإلهة «تويوك ميكامي Toyouke Mikami» إلهة الزراعة ودودة القز.
ومن الهياكل المتميّزة عند الشنتو هيكل «تيشا Taisha» في «إزومو Izumo»، وهو يحمل اسم العشيرة «إزومو»، وهناك هياكل عديدة أخرى في أوزومو، ومن معتقدات الشنتو أن الآلهة يجتمعون في شهر أكتوبر مرتين من كلّ عام في الهياكل الصغيرة، لهذا كانوا يسمونه شهراً بلا آلهة.
اباذر- Admin
- الجنس : عدد الرسائل : 66
تاريخ التسجيل : 16/02/2009